بحث بعنوان
هل مَنَع ابن الصّلاح من تصحيح وتضعيف
الأحاديث ؟
أعدّه
عبد
الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
المقدمـة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فهذا بحث حول مسألة كثُـر الكلام حولها ،
والحديث عنها ، قديماً وحديثاً ، ألا وهي : هل منع ابن الصلاح من تصحيح الحديث في
العصور المتأخرة إطلاقاً ، أو منع من التصحيح إلا بِقُيود ؟
وهل خالف ابن الصلاح غيره من الأئمة ممن صححوا
بعض الأحاديث ، فضعّفها أو العكس ؟
هذا ما سعيت إليه من خلال هذا البحث .
وقد تتبعت أحكام ابن الصلاح من خلال ثلاثة
كُتُب :
الأول : فتاوى ابن الصلاح نفسه ، وقد جَعلتُ ما
نقلته عنه في آخر البحث لبيان نتيجة البحث .
الثاني : سُبُل السلام ، للإمام الصنعاني .
الثالث : كتاب " نيل الأوطار " للإمام
الشوكاني .
واستعنت بالكتابين الأخيرين لأنهما ينقلان
أحكام ابن الصلاح على بعض الأحاديث ، وربما كان النقل من مصادر غير متوفِّرة في
زماننا هذا .
وقد جعلت البحث من ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : في تحرير محلّ النِّـزاع .
و المبحث الثاني : في أحكام ابن الصلاح على
الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان : الصنعاني والشوكاني .
وقد قسمته إلى أقسام ثلاثة :
القِسْم الأول : في موافقة ابن الصلاح لغيره من
الأئمة .
و القِسْم الثاني : في مخالفة ابن الصلاح لغيره
من الأئمة .
و القِسْم الثالث : فيما انفرد به ابن الصلاح
من تصحيح أو تضعيف .
أما المبحث الثالث : فكان في أحكام ابن الصلاح
من خلال " فتاواه " المطبوع بعنوان : فتاوى ومسائل ابن الصلاح في
التفسير والحديث والأصول والفقه . ومعه أدب المفتي والمستفتي ([1])
.
وإذا خرّجت الحديث ، فإن كان في الصحيحين أو في
أحدهما اكتفيتُ بِذكره لشهرتها ، مُكتفياً برقم الحديث ، وإليه الإشارة بحرف (ح) رمزاً
لرقم الحديث .
وإن كان الحديث في غيرهما ذكرت رقمه أيضا مما
اعتُمد فيها الرقم ، ولا أذكر الجزء والصفحة إلا عند الحاجة إليه ، كأن يكون
الكلام عقب الحديث ، ونحو ذلك .
وإن كان الحديث فيما أنقله من أقوال الأئمة :
ابن الصلاح والصنعاني والشوكاني فإني لا أُخرِّجه ، لخروجه عن المقصود ، إلا
لزيادة فائدة ، كأن يكون من أخْرَج الحديث تكلّم في الحديث تصحيحاً أو تضعيفاً
ونحو ذلك مما تدعو إليه الحاجة .
في مُخالفة ابن الصلاح أو موافقته لغيره قد
يتكرر الحديث ، وذلك لأنه قد يُخالِف غيره ، فأذكره في المخالَفَة ، وقد يُوافق
غيره فأذكره في الموافقة .
ومثال ذلك أن يُضعِّف حديثا صححه الحاكم –
مثلاً – ، ويكون النووي – مثلا – أو ابن حجر ، ضعّفوا الحديث ، ويكون ابن الصلاح
ضعّف الحديث ، فأذكره في الموضعين ، مرة لأنه خالِف غيره ، ومرة لأنه وافَق غيره .
وأسأل الله لنا وله العون والتوفيق والسَّداد .
كتبه
/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المبحث
الأول
في
تحرير محلّ النِّزاع
المبحث
الأول : في تحرير محلّ النِّـزاع
ولتحرير محل النِّـزاع لا بُـدّ من إيراد
عِبارة ابن الصلاح في ذلك ، والوقوف مع ألفاظها دون زيادة ولا نُقصان ، من أجل أن
يُفهم عنه مُراده ، ومن أجل أن يُفهم كلامه مُجرّداً عن كلام وفهْم غيره .
ذلك أن من مبادئ البحث العلمي : التجرّد عن الأحكام
السابقة .
قال ابن الصلاح في مقدمة :
إذا وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها
حديثاً صحيح الإسناد ، ولم نَجِده في أحـدِ الصحيحين ، ولا منصوصاً على صِحّته في
شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة ، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم
بصحته ، فقد تعذّر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد ،
لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونَجِد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه ،
عريِّاً عما يُشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان . فآل الأمر إذاً - في
معرفة الصحيح والحسن - إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة
المشهورة التي يُؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف ، وصار معظم المقصود - بما
يُتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك - إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة ، زادها
الله تعالى شرفاً ، آمين ([2])
.
ومن أجل تحرير محلّ النِّـزاع فسوف أقِف مع
عبارة ابن الصلاح ، فأقول :
قوله : " إذا
وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها " هذا يعني أنه فيما يُروى
في زمانه ، أي بأسانيد أهل زمانه .
وقوله : " فإنا
لا نتجاسر على جَزْمِ الْحُكْمِ بِصِحَّتِه " ويبدو لي أن هناك فرقاً
بين الْحُكم بصحّة الحديث ، والجزم بصحّته .
ويؤيِّد هذا الفهم قول ابن الصلاح قبل ذلك في الحديث
الصحيح : " وليس من شرطه أن
يكون مقطوعاً به في نفس الأمر ، إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد ، وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على
تلقيها بالقبول " ([3])
.
فهو يُفرِّق بين القطع والجزم ، وبين الْحُكم ،
وهذا يبدو لي أنه واضح وظاهر في تقريره .
ولذلك قال : " فقد
تعذّر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد
" .
ولو سألناه : لمـاذا ؟
لكانت إجابته : " لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونَجِد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في
كتابه ، عريِّاً عما يُشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان "
ويهمنا كثيراً معرفة عود الضمير في قوله :
" من ذلك " أي من تلك الأسانيد التي في زمانه ، والتي تُروى بها
الأحاديث المسندة في الأجزاء الحديثية في الأزمنة المتأخِّرة .
وما الذي حملني على هذا الفهم ؟
أقول :
قول ابن الصلاح نفسه في أول كلامه : " إذا وجدنا فيما نَروي من أجزاء الحديث وغيرها " فهو
فيما يَروي هو أو يَروي غيره من الأجزاء الحديثية وغيرها ، أي مما اتّصل إسناده
إلى زمانه .
ولا يُنتقد على ابن الصلاح كونه ذَكَر الحفظ والضبط
والإتقان ، لأن الضبط ضبطان :
ضبط صدر ، وضبط كتاب .
فلا يُتعقّب بأنه اشترط الحفظ ، والحفظ ليس من
شرط الصحيح .
لأنه جمع بين ثلاثة أوصاف : الحفظ والضبط
والإتقان .
وقد قال : أعلم أن
الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصود منها في عصرنا وكثير من الأعصار قَبْلَه
إثبات ما يُروى ، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يَدرِي ما يرويه ولا يضبط ما في
كتابه ضبطاً يصلح لأن يعتمد عليه في ثبوته ، وإنما المقصود بها بقاء سلسلة الإسناد
التي خُصّت بها هذه الأمّـة ([4])
.
فهو قد بيّن قصده من الضبط والحفظ ، وأن الضبط
خفّ في الأعصار المتأخِّرة ، وخُفِّف في قبول الرواية .
والذي يؤكِّد أنه قَصَد ما يُرْوَى في زمانه من
أجزاء بأسانيد أهل زمانه أنه نصّ في آخر كلامه على ذلك فقال : " وصار معظم المقصود - بما يُتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك -
إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه
الأمة
" .
فهذا نصّ واضح جليّ في أنه يعني بذلك الأسانيد
التي في زمانه .
وهذا شِبه اتِّفاق .
أي أن الأسانيد المتأخِّرة لا يُعرف حال كثير
من رجالها ، وأن الأئمة تساهلوا وتجاوزوا فيها من اشتراط الضبط والإتقان ، وذلك
لأجل إبقاء سلسلة الإسناد التي خصّ الله بها هذه الأمّـة .
ولا نذهب بعيداً في زمن كمثل زمن ابن الصلاح ،
بل في أزمنة مُتقدِّمة ، كَزَمَنِ الحافظ الطبراني ، فإن بعض شيوخه لا يُعرف ، أو
لا يَكاد الباحث يقف لهم على تراجم ، وما ذلك إلا لِضعف العناية بالأسانيد وبتتبّع
أحوال الرِّجال بعد تدوين السنة في القرنين الثاني والثالث .
وصار الأئمة يَقْبَلُون الرواية والأسانيد من
أجل إبقاء سلسلة الإسناد ، لا من أجل الْحُكْم عليها ولا العَمَل بموجبها .
والقول بأن العناية بالأسانيد قلّت في الأزمنة
المتأخِّرة قول لم ينفرد به ابن الصلاح بل قال به غير واحد من الأئمة ، وكأنه محل
اتِّفاق .
فقد نص الإمام النووي على ذلك بقوله : أعرض
الناس هذه الأزمان عن اعتبار مجموع الشروط المذكورة لكون المقصود إبقاء سلسلة
الإسناد المختص بالأمة ، فَلْيُعتَبَر ما يليق بالمقصود ، وهو كون الشيخ مُسلِما
بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو سخف ، وبضبطه بوجود سماعه مُثْبَتاً بِخَطِّ غير مُتَّهم
، وبروايته من أصل مُوافِق لأصلِ شيخه ، وقد قال نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر
البيهقي ([5])
.
وعبارة البيهقي : توسّع من توسع في السماع من
بعض محدثي زماننا ([6])
الذين لا يَحفظون حديثهم ولا يُحسِنون قراءته من [ كتبهم ] ([7])
ولا يَعرفون ما يُقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ، وذلك
لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث . قال : فمن جاء اليوم بحديث
لا يُوجد عند جميعهم لا يُقبل منه ، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا
ينفرد بروايته ، والحجّة قائمة بحديثه برواية غيره ([8])،
والقصد من روايته والسماع منه أن يَصير الحديث مُسلسلا بِـ (حدثنا) و(أخبرنا) وتَبْقَى
هذه الكرامة التي خُصَّتْ بها هذه الأمة شرفاً لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم .
وكذا قال السِّلَفي في جزء له في شرط القراءة .
وقال الذهبي في الميزان ([9])
: ليس العمدة في زماننا على الرواة بل على المحدِّثين والمفيدين الذين عُرفت
عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين . قال : ثم من المعلوم أنه لا بد من صون
الراوي وستره ([10])
.
وقال الحافظ العراقي : وكذا ينبغي أن نُقَيِّد
السماع من الصبي للحديث بعد أن صار الملحوظ فيه إبقاء سلسلة الإسناد إذا مَشينا
على صحته ، وهو المعتمد ([11])
.
وقال : بل توسّعوا حين صار الملحوظ إبقاء سلسلة
الإسناد لأكثر من ذلك ، بحيث كان يُكتب السماع عند المزِّي وبحضرته لمن يكون بعيدا
عن القارئ ، وكذا للنّاعس والمتحدِّث ، والصبيان اللذين لا ينضبط أحدهم ، بل
يلعبون غالبا ولا يَشتغلون بمجرّد السماع ، حكاه ابن كثير ([12])
.
فهذه كلمات الأئمة مُتتابعة في أن الأسانيد في
العصور المتأخِّرة لا يُعتبر بها بِقَدْرِ ما تَبْقَى بها سلسلة الإسناد .
فهل خالَفهم ابن الصلاح ؟
هذا الذي تتابع عليه الأئمة هو ما قاله ابن
الصلاح ، حيث قال : وَقَدْ فُقِدَتْ شُرُوطُ اَلأَهْلِيَّةِ فِي غَالِبِ أَهْلِ
زَمَانِنَا , وَلَمْ يَبْـقَ إِلاَّ مُرَاعَاةُ اِتِّصَالِ اَلسِّلْسِلَةِ فِي اَلإِسْنَادِ
([13])
.
وقال أيضا : وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء
سلسلة الإسناد أن يُبكِّر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه سماعه ([14])
.
وقال في المسألة الرابعة عشرة : أعرض الناس
في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بيّنا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه
، فلم يتقيدوا بها في رواياتهم ، لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم ، وكان عليه من تقدم ([15])
.
وكم من الأسانيد يتناقلها العلماء إلى زماننا
هذا لا يُعرف حال رواتها ، ولا يُعتبر بها .
وبطبيعة الحال لا يُعمل بها ، ولا يُبنى عليها
أحكام .
ولذا قال الإمام القاسمي : توسَّع الحفاظ رحمهم
الله تعالى في طبقات السَّماع ([16])
.
وكان ابن الصلاح قد نصّ أيضا على أن تصانيف
الأئمة المعتمدة المشهورة هي التي يُؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف ، وهذا
محلّ اتِّفاق ، من أن شُهرة الكُتُب المعتمدة كافٍ عن صحة الأسانيد إلى أصحابها .
ولذا قال الشيخ أحمد شاكر : فالعبرة في رواية
المتأخِّرين على الكُتُب والأصول الصحيحة التي اشتُهرت بنسبتها إلى مؤلِّفيها ، بل
تواتر بعضها إليهم ، وهذا شيء واضح لا يحتاج إلى بيان ([17])
.
فزال بذلك اللبس ، أو فَهْم غير ما أراده ابن
الصلاح ، من أنه أراد قطع النظر عن الأسانيد كافّـة ، وإنما أراد الأسانيد التي تُروى
بها الأحاديث في الأزمنة المتأخِّرة .
وهذا سوف يتّضح أكثر ، ويظهر بِجلاء من خلال
النقل عن ابن الصلاح ، سواء ما نقله الإمامان : الصنعاني والشوكاني ، أو من خلال
أحكامه وعمله في فتاواه .
المبحث الثاني : في أحكام ابن الصلاح على
الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان : الصنعاني والشوكاني .
المبحث الثاني :
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال مـا نقله عنه الإمامان :
الصنعاني والشوكاني
المبحث الثاني :
في أحكام ابن الصلاح على الأحاديث من خلال ما نقله عنه الإمامان :
الصنعاني والشوكاني
وهذا الْمبحث قسمته إلى ثلاثة أقسام :
القِسْم الأول : في موافقة ابن
الصلاح لغيره من الأئمة في حُـكمه على الأحاديث
1 - حديث : " إذا صلى أحدكم فليجعل تِلْقَاء وجهه
شيئا
" الحديث .
وافَقَ
الإمام النووي ، حيث قال النووي في الخلاصة : وقال الحفّاظ هو ضعيف لاضطرابه ([19])
.
ووافقه الحافظ العراقي ([20])
، حيث قال : وقول من ضعّفه أولى بالحق من تصحيح الحاكم له مع هذا الاضطراب
والجهالة براويه ([21])
.
2 - قال الشوكاني في حديث : أن النبي صلى
الله عليه وسلم نهى أن يُبال في المغتسل ونهى عن البول في
الماء الراكد ، ونهى عن البول في الشارع ، ونهى أن يبول الرجل وفرجه بادٍ إلى
الشمس والقمر ، فذكر حديثا طويلا في نحو خمس ورقات على هذا الأسلوب ([22])
قال الحافظ : وهو حديث
باطل لا أصل له ، بل هو من اختلاق عباد بن كثير ، وذكر أن مداره
عليه . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث باطل ، وقال ابن الصلاح : لا يُعرف ،
وهو ضعيف ([23]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : لا يُعرف ،
وهو ضعيف .
وافَقَ الإمام النووي ، ووافقه الحافظ ابن حجر
.
3 - قال النووي : الأدعية في أثناء الوضوء لا أصل لها ،
ولم يذكرها المتقدِّمون وقال ابن
الصلاح : لم يصح فيه حديث ([24])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : لم يصح
فيه حديث .
وافَقَ
النووي ، وحَكَم بأنه لم يصحّ في المسألة حديث .
4 - أورد الشوكاني حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه
وسلم أن لا تشرك بالله وإن قُطِّعتَ وحُرِّقت ، وأن لا تترك
صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب الخمر فإنها
مفتاح كل شر .
ثم قال في أثناء تخريجه : وقال ابن الصلاح والنووي : إنه حديث مُنْكَر ([25])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : حديث مُنْكَر
.
وافَقَ الإمام النووي .
5 - حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذٍ ماله
وباعه في دَين كان عليه . قال الصنعاني : رواه
الدارقطني وصححه الحاكم ، وأخرجه أبو داود مرسلا ورجح إرساله . قال عبد الحق : المرسل أصح من المتصل ، وقال
ابن الصلاح في الأحكام : هو حديث ثابت ([26])
حُـكم ابن الصَّلاح : هو حديث ثابت .
وافَقَ الحاكم ، حيث قال : صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه ([27]) .
فالذي يظهر من حُكمه أنه لم يكتفِ بتصحيح
الحاكم .
6 - قال الشوكاني في حديث : "مسح الرقبة أمان من الغلّ " قال ابن الصلاح: هذا الخبر غير معروف عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، وهو من قول بعض
السَّلف ([28])
حُـكم ابن الصَّلاح : الخبر
غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من قول بعض السَّلف .
وافَقَ ابن الصلاح جمع من الأئمة .
قال الحافظ ابن حجر : وقال القاضي أبو الطيب لم
تَرِد فيه سنة ثابتة ، وقال القاضي حسين : لم تَرِد فيه سنة ، وقال الفوراني : لم
يَرِد فيه خبر . وأورده الغزالي في الوسيط وتعقّبه ابن الصلاح فقال : هذا الحديث
غير معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من قول بعض السلف . وقال النووي في
شرح المهذب : هذا حديث موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وزاد في موضع
آخر لم يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء ، وليس هو سنة بل بدعة ([29])
.
7 - أورد الشوكاني حديث
" إذا أنت بايعت فقل : لا خلابة ، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث
ليال ؛ إن رضيت فأمسك ، وإن سخطت فارددها على صاحبها " .
حُـكم ابن الصَّلاح : رواية الاشتراط مُنكَرة لا
أصل لها .
وافَق الرافعي .
وتعقّبه الحافظ ابن حجر فقال : قوله
: وجعل لك ذلك ثلاثة أيام . وفي رواية : ولك الخيار ثلاثا . وفي رواية : قُل : لا
خِلابة ، واشترط الخيار ثلاثا . قال الرافعي : وهذه الروايات كلها في كتب الفقه ، وليس
في كتب الحديث المشهورة سوى قوله : " لا خلابة " انتهى . وأما قوله : ولك
الخيار ثلاثا ، فرواه الحميدي في مسنده والبخاري في تاريخه والحاكم في مستدركه من
حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، ولفظ البخاري : إذا بعت فَقُل : لا خلابة
، وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال . وصرّح بسماع بن إسحاق ([31])
.
8 - وقال في حديث : "ألحقوا
الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ":
قوله : " رجلٍ ذكر " هكذا في جميع الروايات
ووقع عند صاحب النهاية والغزالي وغيرهما من أهل الفقه فلأولى عصبة ذكر ، واعترض
ذلك ابن الجوزي والمنذري بأن لفظة العصبة ليست محفوظة . وقال ابن
الصلاح : فيها بُعْـدٌ عن الصحة من حيث اللغة فضلا عن الرواية ؛ لأن
العصبة في اللغة اسم للجمع لا للواحد ، وتعقب ذلك الحافظ فقال : إن العصبة اسم جنس
يقع على الواحد فأكثر ، ووصف الرجل بأنه ذكر زيادة في البيان ([32])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : فيها بُعْـدٌ
عن الصحة من حيث اللغة فضلا عن الرواية .
وافَقَ ابن الجوزي
والمنذري في كون اللفظة غير محفوظة ، وزاد عليهما استبعاد الرواية من حيث
اللغة .
9 – حديث جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه . قال
الصنعاني : وصَرَّح بضعفِ الحديث جماعة من الحفاظ كالمنذري وابن الصلاح والنووي
وغيرهم ([33])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : تصريحه
بضعف الحديث .
وافَقَ غيره : فوافق النووي والمنذري ، وهما مِن
مُعاصِريه .
10 – حديث " العين
وكاء السَّـه ، فمن نام فليتوضأ " قال الصنعاني : وحَسَّنَ المنذري
والنووي وابن الصلاح حديث عليّ ([34]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : تحسين
الحديث .
وابن الصلاح حسّن الحديث مع كونه ليس في شيء من
الكُتب التي اشترط أصحابها الصحيح فيما جمعه .
فتبيّن بهذا أن قول ابن الصلاح : ثم إن الزيادة
في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات
المعتمدة المشهورة لأئمة الحديث : (كأبي داود السجستاني) ، و(أبي عيسى الترمذي)،
و(أبي عبد الرحمن النسائي)، و(أبي بكر بن خزيمة) ، و(أبي الحسن الدارقطني) ،
وغيرهم. منصوصاً على صحته فيها.
ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجوداً في (كتاب
أبي داود)، و(كتاب الترمذي)، و(كتاب النسائي) ،
وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ([35])
.
أنه يعني أن لمن تأهّل للنظر في الأسانيد أن
ينظر في أسانيد هذه الكُتُب ، ولذا حسَّن حديث عليّ رضي الله عنه ، مع كونه عند
أبي داود ([36]) وابن
ماجه ([37])
.
ولذلك " قال ابن الصلاح والنووي وغيرهما :
إنه يجوز الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود ، وصَرّح أبو داود نفسه أنه لا يسكت إلا
عن الحديث الصالح للاحتجاج"([38])
فهذا يَنْفِي كونه يمنع التصحيح مُطلقاً ،
وإنما يعتمد أحكام الأئمة في المصنّفات المشهورة إذا لم يكن الحديث مما انتُقِد أو
تُكلِّم فيه .
11 – حديث : " إنما
الطواف بالبيت صلاة فإذا طفْتُم فأقِلُّوا الكلام " .
قال الشوكاني : واختُلِف
على عطاء في رفعه ووقفه ، ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري
والنووي ، وزاد : إن رواية الرفع ضعيفة ([39])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : ترجيح
الموقوف ، وموافقة البيهقي والنووي والمنذري .
وهذا يعني أنه رجّح رواية على أخرى ، فقال
بالوقف دون الرّفع .
.
القِسْم الثاني : في مخالفة
ابن الصلاح لغيره من الأئمة
1 - قال الصنعاني في حديث : " إذا صلى أحدكم فليجعل
تلقاء وجهه شيئا ، فإن لم يَجِد فلينْصِب عصا ، فإن لم يكن فليخطّ خطاً ، ثم لا
يضره مَن مَـرّ بين يديه " أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن حبان . ولم يُصِبْ
من زعم ( وهو ابن الصلاح ) أنه مُضطرب ، فإنه أورده
مثالاً للمضطرب فيه ، بل هو حَسَن ، ونازعه المصنف في النُّكت ، وقد
صححه أحمد وابن المديني ([40])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : أن الحديث
مُضطرب .
ومُخالفته هذه تُقيِّد فهم قوله في قبول الحديث
: ويكفي مجرد كونه موجوداً في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ([43])
بأنه يعني ما لم يُنازَعُوا في صحّته .
وقد تعقّبه الحافظ في النّكت ([44])
، فقال : واستدرك عليه شيخنا ما فاته من وجوه الاختلاف فيه .
2 - قال الشوكاني في حديث
: " إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف ، فإذا كان كذلك فامسكي عن الصلاة ،
فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، فإنما هو عِرق . رواه أبو داود والنسائي . الحديث
رواه ابن حبان والحاكم وصححاه ، وأخرجه الدارقطني والبيهقي والحاكم أيضا بزيادة : فإنما هو داء عرض ، أو
ركضة من الشيطان ، أو عرق انقطع ، وهذا يَرُدّ إنكار ابن الصلاح والنووي وابن الرفعة لزيادة انقطع ([45])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : إنكار
زيادة لفظـة " انقَطَع ".
خالَف تصحيح الحاكم ([46])
للحديث بتمامه .
وهذا يؤكِّد أن ابن الصلاح يحكم على الأحاديث
بل على اللفظة الواحدة ، وإن خالَف الأئمة المتقدِّمين الذين صحّحوه .
3 - قال الشوكاني في حديث التسمية على الوضوء : قال ابن الصلاح : انقلب إسناده على الحاكم ([47]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : انقلب
إسناده على الحاكم .
4 - قال الصنعاني في زيادة "
وبركاته " في
التسليم من الصلاة : وقول ابن الصلاح : " إنها لم تثبت " قد تعجّب منه المصنف ، وقال
: هي ثابتة عند ابن حبان في صحيحه ، وعند أبي داود ، وعند بن ماجه ([50]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : لم تَثْبُت
.
قال الحافظ ابن حجر : تنبيه : وقع
في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة " وبركاته " وهي عند ابن ماجة
أيضا ، وهي عند أبي داود أيضا في حديث وائل ابن حُجر ، فيُتَعجَّب من ابن الصلاح حيث يقول : إن هذه الزيادة ليست في شيء من
كتب الحديث ([52])
.
وقد ذَكَرَ لها الحافظ طُرقا كثيرة في تلقيح الأفكار
تخريج الأذكار لما قال النووي أن زيادة " وبركاته " رواية فردة .
ثم قال الحافظ بعد أن ساق تلك الطرق : فهذه عِدة طُرق تَثبت
بها " وبركاته " بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة ([53])
.
5 - أورد الشوكاني حديث " الأذنان من الرأس " وقال في تخريجه : واعتذر القائلون بأنهما ليستا من الرأس بضعف الأحاديث التي فيها
الأذنان من الرأس ، حتى قال ابن
الصلاح : أن ضعفها كثير لا ينجبر
بكثرة الطرق ، ورُدّ بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن
القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلّة ، وصرَّح بأنه إما صحيح أو حسن ([54])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : ضَعْفُها
كثير لا ينجبر بكثرة الطرق .
وعبارة ابن الصلاح : لعل
الباحث الفهم يقول : إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة
من وجوه عديدة ، مثل حديث : "الأذنان من الرأس " ونحوه ، فهلا
جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن ؟ لأن
بعض ذلك عَضَد بعضاً ، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق
آنفاً.
فقد ضعّف الحديث وخالَف ابن حبّان ([56])
.
وخالَفَ ابن القطّان الفاسي ، وهما مُتعاصِران .
6 - قال الشوكاني في زيادة " وبحمده "
في التسبيح في الركوع والسجود :
وحديث أبي جحيفة قال الحافظ : إسناده
ضعيف ، وقد أنكر هذه الزيادة ابن الصلاح وغيره ،
ولكن هذه الطرق تتعاضد فَيُرَدّ بها هذا الإنكار ([57])
.
حُـكم ابن الصَّلاح : إنكار
هذه الزيادة .
خالَفه
الحافظ ابن حجر بأن إسناد هذه الزيادة ضعيف ، وقوّى الشوكاني هذه الزيادة بمجموع
طُرُقها .
7 - حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذٍ ماله وباعه في دَين كان عليه . قال
الصنعاني : رواه الدارقطني وصححه الحاكم ، وأخرجه أبو داود
مرسلا ورجّح إرساله .
قال عبد الحق : المرسل أصح من المتصل ، وقال ابن الصلاح في الأحكام : هو حديث ثابت ([58])
حُـكم ابن الصَّلاح : هو حديث ثابت .
خالَف أبا داود وعبد الحق في كون
الحديث مرسلاً ، وحَكَم بثبوته ، وهذا تصحيح للحديث ، بخلاف الإرسال فإنه تضعيف .
8 - حديث معاوية رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العين وكاء السَّـه ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء . رواه أحمد
والدارقطني .
قال الشوكاني : وأما حديث
معاوية فأخرجه أيضا الدارقطني والبيهقي ، وفي إسناده بقية عن أبي بكر بن أبي مريم
وهو ضعيف ، وقد ضَعّف الحديثين أبو حاتم ([59])
.
وحَسَّنَ المنذري وابن الصلاح والنووي حديث عليّ
.
حُـكم ابن الصَّلاح : تحسين حديث
عليّ .
وقد خالَفَ أبا حاتم في تضعيفه للحديث .
9 - حديث : " إنما
الطواف بالبيت صلاة فإذا طفْتُم فأقِلُّوا الكلام " .
حُـكم ابن الصَّلاح : ترجيح
الموقوف .
وقد أورته هنا لأنه خالَف الحاكم ، فقد أخرجه
الحاكم في المستدرك ([61]) وقال : هذا
حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقد أوقفه جماعة .
فالحاكم اختار رواية الرفع وصححها ، ثم ذَكَر
أن جماعة أوقفوه ، وقد خالَفه ابن الصلاح فرجّح الوقف .
وهذا يعني أن ابن الصلاح يَحكُم على الأحاديث
وإن كان من خرّجها نصّ على صحّتها في كتاب مُعتمَد مشهور .
كما أن ابن حبان ([62])
أخرج الحديث مرفوعاً .
وكذلك أخرجه ابن الجارود ([63])
.
10 – حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه
وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض : يتصدق بدينار أو بنصف دينار " رواه
الخمسة . وقال أبو داود : هكذا الرواية الصحيحة قال : دينار أو نصف دينار ...
وأقرّ ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان ، وقوّاه في
الإمام وهو الصواب ... وفي ذلك ما يَرُدّ على النووي في
دعواه في شرح المهذب والتنقيح والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه ، وأن
الحق أنه ضعيف باتفاقهم ، وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح ([64]).
حُـكم ابن الصَّلاح : تضعيف
الحديث .
وقد خالَفَ الحاكم ، فقد أخرج الحديث ثم قال : هذا
حديث صحيح ([65]) .
وخالَفَ تصحيح أبي داود .
وقد تقدّم أن ابن الصلاح يَرَى أن ما سَكَتَ
أبو داود عنه صالح للاحتجاج ، وقد صرّح أبو داود بصحّة الرواية ، وخالَفَه ابن
الصلاح .
11 - وعن بن أبي أوفى قال :
أصبنا طعاما يوم خيبر ، وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق
.
وحديث ابن أبي أوفى أخرجه الحاكم والبيهقي . قال
ابن الصلاح في كلامه على الوسيط : هذا الحديث لم
يُذكر في كتب الأصول ([66]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : هذا الحديث
لم يُذكر في كتب الأصول .
خالَفَ
الحاكم ، فقد أخـرج الحديث وقال : حديث صحيح على شرط البخاري ([67])
.
وابن الصلاح يعتبر مستدرك الحاكم من الأصول ،
ولكن فاته أن الحاكم أخرجه
فسبحان من لا تخفى عليه خافية .
.
القِسْم الثالث : فيما انفرد
به ابن الصلاح من تصحيح أو تضعيف .
1 - قال الشوكاني في حديث
: " لا تُساووهم في المجالس " : وفي إسناده عمرو بن سمرة عن جابر الجعفي ، وهما ضعيفان . قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط : لم أجد له إسناداً يَثبت ([68]) .
حُـكم ابن الصَّلاح : لم أجد
له إسناداً يَثْبُت .
وهذا يعني أن
ابن الصلاح لو وَجَد إسناداً يثبت حَكَم له بالصِّحة والثّبوت .
2 – حديث : " لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا
عليه لكان أن يقف أربعين خيراّ له من أن يمر بين يديه " قال أبو النضر : لا
أدري قال : أربعين يوما ،أو شهرا ، أو سنة . رواه الجماعة .
قوله : " ماذا عليه " في رواية للبخاري "
من الإثم " تفرد بها الكشميهني ([70]) .
قال الحافظ ابن حجر : قوله
: " ماذا عليه " زاد الكشميهني :
" من الإثم " وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره والحديث ... وأنكر ابن الصلاح
في مشكل الوسيط على من أثبتها في الخبر ، فقال : لفظ " الإثم " ليس في
الحديث صريحا ([71]) .
يتبع ..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق