الاثنين، 29 أغسطس 2016

بخصوص سيد قطب


مسدد بن مسرهد

رد العلامة بكر ابو زيد علي ربيع المدخلي بخصوص سيد قطب
فضيلة الأخ الشيخ / ربيع بن هادي المدخلي .. الموقر
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
فأشير إلى رغبتكم قراءة الكتاب المرفق "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره".. هل من ملاحظات عليه ثم هذه الملاحظات هل تقضي على هذا المشروع فيطوى ولا يروى، أم هي مما يمكن تعديلها فيترشح الكتاب بعد الطبع والنشر ويكون ذخيرة لكم في الأخرى، بصيرة لمن شاء الله من عباده في الدنيا، لهذا أبدي ما يلي..
1 - نظرت في أول صفحة من فهرس الموضوعات فوجدتها عناوين قد جمعت في سيد قطب رحمه الله، أصول الكفر والإلحاد والزندقة، القول بوحدة الوجود، القول بخلق القرآن، يجوز لغير الله أن يشرع، غلوه في تعظيم صفات الله تعالى، لا يقبل الأحاديث المتواترة، يشكك في أمور العقيدة التي يجب الجزم بها، يكفر المجتمعات ..إلى أخر تلك العناوين التي تقشعر منها جلود المؤمنين.. وأسفت على أحوال علماء المسلمين في الأقطار الذين لم ينبهوا على هذه الموبقات.. وكيف الجمع بين هذا وبين انتشار كتبه في الآفاق انتشار الشمس، وعامتهم يستفيدون منها، حتى أنت في بعض ما كتبت، عند هذا أخذت بالمطابقة بين العنوان والموضوع، فوجدت الخبر يكذبه الخبر، ونهايتها بالجملة عناوين استفزازية تجذب القارئ العادي، إلى الوقيعة في سيد رحمه الله، وإني أكره لي ولكم ولكل مسلم مواطن الإثم والجناح، وإن من الغبن الفاحش إهداء الإنسان حسناته إلى من يعتقد بغضه وعداوته.
2 - نظرت فوجدت هذا الكتاب يـفـتـقـد:
أصـول البحث العلمي، الحيـدة العلمية، منهـج النقد، أمانـة النقل والعلم، عـدم هضم الحق.
أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس.. وإليك الدليل…
أولاً: رأيت الاعتماد في النقل من كتب سيد رحمه الله تعالى من طبعات سابقة مثل الظلال والعدالة الاجتماعية مع علمكم كما في حاشية ص 29 وغيرها، أن لها طبعات معدلة لاحقة، والواجب حسب أصول النقد والأمانة العلمية، تسليط النقد إن كان على النص من الطبعة الأخيرة لكل كتاب، لأن ما فيها من تعديل ينسخ ما في سابقتها وهذا غير خاف إن شاء الله تعالى على معلوماتكم الأولية، لكن لعلها غلطة طالب حضر لكم المعلومات ولما يعرف هذا ؟؟، وغير خاف لما لهذا من نظائر لدى أهل اعلم، فمثلاً كتاب الروح لابن القيم لما رأى بعضهم فيما رأى قال: لعله في أول حياته وهكذا في مواطن لغيره، وكتاب العدالة الاجتماعية هو أول ما ألفه في الإسلاميات والله المستعان.
ثانيًا: لقد اقشعر جلدي حينما قرأت في فهرس هذا الكتاب قولكم (سيد قطب يجوز لغير الله أن يشرع)، فهرعت إليها قبل كل شيء فرأيت الكلام بمجموعه نقلاً واحدًا لسطور عديدة من كتابه العدالة الاجتماعية) وكلامه لا يفيد هذا العنوان الاستفزازي، ولنفرض أن فيه عبارة موهمة أو مطلقة، فكيف نحولها إلى مؤاخذة مكفرة، تنسف ما بنى عليه سيد رحمه الله حياته ووظف له قلمه من الدعوة إلى توحيد الله تعالى (في الحكم والتشريع) ورفض سن القوانين الوضعية والوقوف في وجوه الفعلة لذلك، إن الله يحب العدل والإنصاف في كل شيء ولا أراك إن شاء الله تعالى إلا في أوبة إلى العدل والإنصاف.
ثالثًا: ومن العناوين الاستـفـزازيـــة قولكم (قول سيد قطب بوحدة الوجود).
إن سيدًا رحمه الله قال كلامًا متشابهًا حلق فيه بالأسلوب في تفسير سورتي الحديد والإخلاص وقد اعتمد عليه بنسبة القول بوحدة الوجود إليه، وأحسنتم حينما نقلتم قوله في تفسير سورة البقرة من رده الواضح الصريح لفكرة وحدة الوجود، ومنه قوله: (( ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيح فكرة وحدة الوجود)) وأزيدكم أن في كتابه (مقومات التصور الإسلامي) ردًا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود، لهذا فنحن نقول غفر الله لسيد كلامه المتشابه الذي جنح فيه بأسلوب وسع فيه العبارة.. والمتشابه لا يقاوم النص الصريح القاطع من كلامه، لهذا أرجو المبادرة إلى شطب هذا التكفير الضمني لسيد رحمه الله تعالى وإني مشفق عليكم.
رابعًا: وهنا أقول لجنابكم الكريم بكل وضوح إنك تحت هذه العناوين (مخالفته في تفسير لا إله إلا الله للعلماء وأهل اللغة وعدم وضوح الربوبية والألوهية عند سيد) .
أقول أيها المحب الحبيب، لقد نسفت بلا تثبت جميع ما قرره سيد رحمه الله تعالى من معالم التوحيد ومقتضياته، ولوازمه التي تحتل السمة البارزة في حياته الطويلة فجميع ما ذكرته يلغيه كلمة واحدة، وهي أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، وسيد رحمه الله تعالى ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع الله من القضاء وغيره وحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها ولا شك أن هذه جرأة عظيمة ما عاهدتها الأمة الإسلامية في مشوارها الطويل قبل عام (1342هـ ).
خامسًا: ومن عناوين الفهرس (قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة).. لما رجعت إلى الصفحات المذكورة لم أجد حرفًا واحدًا يصرح فيه سيد رحمه الله تعالى بهذا اللفظ (القرآن مخلوق) كيف يكون هذا الاستسهال للرمي بهذه المكفرات، إن نهاية ما رأيت له تمدد في الأسلوب كقوله (ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها ـ أي الحروف المقطعة ـ مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الناس) ..وهي عبارة لا شك في خطأها ولكن هل نحكم من خلالها أن سيدًا يقول بهذه المقولة الكفرية (خلق القرآن) اللهم إني لا أستطيع تحمل عهدة ذلك.. لقد ذكرني هذا بقول نحوه للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله في مقدمة كتابه دراسات في أسلوب القرآن الكريم والذي طبعته مشكورة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهل نرمي الجميع بالقول بخلق القرآن اللهم لا، واكتفي بهذا من الناحية الموضوعية وهي المهمة.
ومن جهات أخرى أبدي ما يلي:
1 - مسودة هذا الكتاب تقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة، ولا أعرف منه صفحة واحدة بقلمكم حسب المعتاد، إلا أن يكون اختلف خطكم، أو اختلط علي، أم أنه عُهد بكتب سيد قطب رحمه الله لعدد من الطلاب فاستخرج كل طالب ما بدا له تحت إشرافكم، أو بإملائكم. لهذا فلا أتحقق من نسبته إليكم إلا ما كتبته على طرته أنه من تأليفكم، وهذا عندي كاف في التوثيق بالنسبة لشخصكم الكريم.
2 - مع اختلاف الخطوط إلا أن الكتاب من أوله إلى أخره يجري على وتيرة واحدة وهي: أنه بنفس متوترة وتهيج مستمر، ووثبة تضغط على النص حتى يتولد منه الأخطاء الكبار، وتجعل محل الاحتمال ومشتبه الكلام محل قطع لا يقبل الجدال…وهذا نكث لمنهج النقد: الحيدة العلمية .
3 - من حيث الصيغة إذا كان قارنًا بينه وبين أسلوب سيد رحمه الله، فهو في نزول، سيد قد سَمَا، وإن اعتبرناه من جانبكم الكريم فهو أسلوب "إعدادي" لا يناسب إبرازه من طالب علم حاز على العالمية العالية، لا بد من تكافؤ القدرات في الذوق الأدبي، والقدرة على البلاغة والبيان، وحسن العرض، وإلا فليكسر القلم.
4 - لقد طغى أسلوب التهيج والفزع على المنهج العلمي النقدي…. ولهذا افتقد الرد أدب الحوار.
5 - في الكتاب من أوله إلى آخره تهجم وضيق عطن وتشنج في العبارات فلماذا هذا…؟
6 - هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال.. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تحقيق هو في الحقيقة هدم، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية .
هذه سمات ست تمتع بها هذا الكتاب فآل غـيـر مـمـتـع، هذا ما بدا إلي حسب رغبتكم، وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس، لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبرات ليته لم يفه بها، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان أخر والكمال عزيز، والرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى، وكشف عن سالفته، وطلب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار وقال كلمته الإيمانية المشهورة، إن أصبعًا أرفعه للشهادة لن أكتب به كلمة تضارها... أو كلمة نحو ذلك، فالواجب على الجميع … الدعاء له بالمغفرة … والاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه.. اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوا م لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك .
وفي الختام فأني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب "أضواء إسلامية" وأنه لا يجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم..
واسمح لي بارك الله فيك إن كنت قسوت في العبارة، فإنه بسبب ما رأيته من تحاملكم الشديد وشفقتي عليكم ورغبتكم الملحة بمعرفة ما لدي نحوه… جرى القلم بما تقدم سدد الله خطى الجميع..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجمعة، 26 أغسطس 2016

العقوبة ... كتبه / أسامة عباس



العقوبة .... 

كتبه / أسامة عباس

مخطئ من يظن أن الجرم قد يمر بلا عقوبة .
قد يمر الجرم  بلا عقوبة من أصحاب الدنيا أما من الخالق جل وعلا فهو الحكم العدل الذي لا يغفل عن خلقه لحظة سبحانه.
وإن نسي احد ما حل بساحتنا من حسرات فإننا لم نس ولن ننسى . وانا لا أنسى ,
لا أنسى حين قتل النساء  والأطفال وحرقوا أحياء في مجازر لا دافع ورائها إلا المعتقد.
لا أنسى حين قتل خيرة الشباب في مصر وحرقوا أحياء بنفس الدافع.
لا أنسى القتل والتشريد والاعتقال والسحل أما أعين الملايين وعبر القنوات .
لا أنسى حين كان الدين يسب بحجة الإخوان .
ولا أنسى حين أهين القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم بحجة الإخوان أيضا.
لا أنسى حين نزع النقاب والحجاب عن العفيفات بحجة الإخوان .
لا أنسى حين كان البلطجية يمسكون بالمحجبات والمنتقبات و ويحاولون اغتصابهن بحجة الاخوان والناس راضون بذلك.
لا أنسى حين كان المنتقبات والمحجبات والمختمرات يتم احتجازهن في المقاهي (( القهاوي )) الى ان تصل الشرطة وفي خلال فترة حبسهن في المقهى حدث ولا حرج .


لا أنسى حين كانت الأمور تتجه لمحاربة الدين علنا على كل الوسائل الاعلامية.
الفضائيات والمجلات والجرائد . في الأفلام والمسلسلات والأغاني .
كل ذلك كان يحدث على مرأى ومسمع من السيساوية خاصة .
 ولا أحد من الناس يعرف معروفا وينكر منكرا.
الناس يخاف بعضهم البعض أن يقال عنهم أنهم إخوان . والسيساوية يفرحون يهتك الاعراض وسب الدين نكاية في الإخوان .
بل و الادهى من ذلك كان كثير من أصحاب اللحى الموالين للنظام كانوا ومازالوا ينافقون أمام الجميع .
كل ذلك ودعاء الثكالى والأيامى واليتامى والمظلومين يسري لرب العالمين كل لحظة . اللهم انتقم.
كل ذلك والله تبارك وتعالى يمهل الجميع .
لعلهم يرجعون .
قبل العقوبة .
لعلهم يتذكرون . لعلهم يرجعون .
قبل العقوبة . .
لعلهم يعقلون . لعلهم يتفكرون .
ولكن قست قلوبهم مع أن الأمد لم يطل عليهم.
مخطئ من يظن أن الدماء التي سالت على أرض الكنانة قد تجف يوما او يجف لهيبها في صدور أصحابها.
مخطئ من يظن أن الدعوات التي سرت بليل إلى ربها تمر هكذا بلا حساب .
كم من امرأة دعت على قاتلي ولدها بالويل والهلاك والذل.
كم من شاب حبيس وداعية حبيس وعالم حبيس دعوا على من ظلمهم وعلى من أيدوه .
كم من امرأة رقصت للسفاح وهو يقتل ويسحل أما اعين أهالي المقتولين ؟
كم من رجل شمت في المظلومين .
فجاء العقاب . وجاء البلاء . شيئا فشيئا.
غلاء الأسعار .
ولكن . .. هل هذه هي العقوبة فحسب ؟
اسمع لقول الله تعالى في سورة الاعراف 
(( ولقد اخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يتذكرون ))
لما عزف المصريون أيام موسى عليه السلام  عن قبول الحق برغم ما عاينوه من ظلم فرعون وإفساده في الأرض واكاذيبه على بني إسرائيل وموسى عليه السلام  كانوا قد استوجبوا العقوبة. 
كل ما رأوه من ظلم فرعون لموسى عليه السلام ومن معه ومع ذلك ظلوا يرقصون لفرعون ويغنون له تسلم الأيادي.
ظل فرعون يقتل الأطفال وهم رضع ومع ذلك كان شعب مصر يدل على النساء الحوامل حتى لا تستتر بمولودها حين تلده . ويعين الظالم على ظلمه .
يقتل الأطفال ويغنون له تسلم الأيادي .
ولما جاءت العقوبة لم تأت مرة واحدة .
بل جاءت بالتدريج . أخذهم الله تعالى بالسنين . يعني الجدب والحرمان وقلة المطر والقحط.
وبديهي أن يقل الزرع والثمر نتيجة لقلة المطر .
وبديهي أيضا أن ترتفع الأسعار نتيجة لقلة الثمار والرزوع التي تباع في أسواقهم .

ثم أخذهم الله تعالى بعد ذلك بالنقص من الثمرات .
وهي العقوبة التالية هي ان هذه الزروع والثمار التي قلت وارتفع ثمنها وغلا سعرها ستختفي من الأسواق.
لا يجدونها .
مجاعة تأكل الأخضر واليابس . تكون كالشدة المستنصرية أو ربما كانت أشد.
سيأتي يوم على المصريون الذين يعانون من ارتفاع الأسعار اليوم ولن يجدوا هذه الثمار والزروع .
ستحل عليهم نكبات بظلمهم وموالاتهم للظالم ورقصهم على جثث المقتولين ظلما.
ولكن . هل سيشعرون و يدرون أنها عقوبة من الله عليهم.
الله أعلم بما سيكون.
فتفكر قليلا قبل أن تتكلم في هذا الشأن .
كم من امرأة دعت بالويل والهلاك والجوع على من قتل ابنها وشمت فيه ورقص على جثته.
أسأل الله أن يلطف بنا . وان يهلك الظالمين .

والله من وراء القصد.

الأربعاء، 24 أغسطس 2016

أدوات المعرفة .. كتبه أحمد يعقوب


( أدوات المعرفة في التربية الإسلامية )
كتبه أحمد يعقوب
الله سبحانه و تعالي مصدر المعرفة و العلم
( قل إنما العلم عند الله ) سورة الملك 26
( قال إنما العلم عند الله ) سورة الأحقاف 23
فالله سبحانه وتعالي هو بديع الحقائق و دور الإنسان أن يقف عند هذه الحقائق و ينتفع بها دينيا باليقين و دنيويا بتطوير غايات الحياة ووسائله وعلم الله شامل لكل غيب غير ملموس أو مشهود محسوس ( عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم ) التغابن 18
و علم الله كامل يحيط بكل ما يتعلق بموضوعات العلم إحاطة كاملة
 ( لتعلموا أن الله علي كل شيء قدير و أن الله أحاط بكل شيء علما ) الطلاق 12

و معرفة الله واسعة لا حدود لها ولا نهاية
( و لو أنما في الأرض من شجرة أقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ) لقمان 27
و معرفة الإنسان بكل أشكالها و صورها مستمدة من هذه المعرفة الإلهية (علم الإنسان ما لم يعلم ) العلق 5
تتعدد أدوات المعرفة في التربية الإسلامية و تتكامل لتحقيق وبلوغ المعرفة المراد الوصول إليها
 و هي ثلاث الوحي و العقل و الحس .
فالوحي هو أداة المعرفة في ميدانها الأول وهو ميدان الغيب و العقل و الحس هما اداتها في ميدان الشهادة بقسميهما الافاق و الأنفس
و تتكامل أدوات المعرفة الثلاثة لبلوغ الغايات و تحقيق الأهداف
فالوحي للعقل بمثابة الضوء للبصر فكما أن العين لا تبصر في الظلمة كذلك العقل لا يبصر الحقائق إذا أنفرد في البحث عنها , لذا سميت ايات الوحي في القران الكريم ( بصائر ) قال تعالي ( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه و من عمي فعليها ) الأنعام 104
و هي توجيهات الهية للعقل البشري تمكنه خلال النظر في ميادين الخلق من استخدام ثمرات العلم استخداما سليما عن طريق تحديد مسار هذا العقل و غايات المعرفة و ميادينها بالإضافة إلي انها تحفظ العقل من الانحراف إلي ميادين الوهم و الظن و الخرافة

و تجدر الإشارة الي خطورة انفصال الوحي عن العقل و ضرورة التكامل بينهما فحين انفصل العقل عن الوحي جنح العقل الي الاستبصار بالسحر و قراءة الكف و النجوم و الطالع و ضرب الحصي و تحكم السحرة و العرافين و المشعوذين و تداعت سلبيات العلم المجرد من الإيمان فشقي الإنسان بالعلم و انتهت الحضارة الي السقوط

و شهدت عصور الضعف في حضارتنا الإسلامية انشقاق في أدوات المعرفة و ميادينها . فقد توقف منهج المعرفة عن الجمع بين الوحي و العقل و الحس فقد أخترع المتكلمون لأنفسهم منهجا عقليا كلاميا لا يتكامل مع الوحي و لا يستعين بالحس فافتقروا بذلك إلي إرشاد الوحي , و تنكر الصوفية للعقل و رفضوا دوره و اعتمدوا علي الإلهام , ووضع الفلاسفة العقل في مواجهة الوحي و بذلك حرموا العقل من بصائر الوحي . و دخل المسلمون بذلك في ازمة نفسية اجتماعية حالت دون أخذ دورهم في طليعة الأمم و حتي نتجاوز هذه الأزمة علينا أن نتعلم كيف نقرأ ثم نقرأ ونقرأ لأننا ( أمة أقرأ ) أن ننمي مهارات القراءة لدينا و أن نجتهد و نبدع و نبتكر و أن نضع المعرفة موضع التطبيق حتي نسهم في نمو الفكر الإنساني المعاصر و تشييد الحضارة الإنسانية بدلا من اجترار الماضي و التباهي بتراث الاباء و الأجداد ثم نعيش بعد ذلك طفيلين علي اسهامات الاخرين و منتجاتهم


السبت، 20 أغسطس 2016

من ديار للسنة إلى دولة رافضية


 من ديار للسنة إلى دولة رافضية
أحمد خليفة

كيف نجح إسماعيل صفوي في تحويل بلاد فارس من ديار للسنة إلى دولة رافضية؟
كانت بلاد فارس بلادا سنية حتى أعلن إسماعيل صفوي نفسه حاكما عليها عام 1501 م ، وظلت الغالبية سنية قرابة مائة عام تتعرض لمآسي كبيرة حتى نجح في تحويلها لأغلبية رافضية .فكيف نجح في هذا ؟!
وتتلخص الخطوات التى قام بها إسماعيل الصفوي وخلفاؤه :-
-------------------------------------------------------------
1-قوي عسكرية موالية عقائديا :إذ اعتمد على القبائل الموالية لأسرته التى بدأت صوفية ثم تشيعت ، والاعتماد على الطوائف العلوية فى الاناضول وغيرهم من المؤيدين واستقدامهم واتخاذهم قوة عسكرية لإقامة دولته .
2- إخضاع المؤسسات الدينية لسيطرته : فتم إخضاع الأوقاف السنية والمؤسسات الدينية السنية كالمساجد لسيطرة دولته و وتم تعيين خطباء يدينون له بالولاء .
3-تجفيف منابع أهل السنة فى إيران استخدام قوته العسكرية فى قمع أهل السنة والتركيز على القضاء على العلماء لدي أهل السنة وتجفيف منابع العلم بقتل العلماء ومنعهم من التدريس وتحريق كتبهم .
4-إحلال مؤسسي إقامة حسينيات شيعية والاهتمام بالمزارات الشيعية ، وتخريب مساجد أهل السنة وهدمها .فقد لاحظ السفير البرتغالي توم بيرس إلى الصين لدي مروره بإيران عام 1511 أن إسماعيل صفوي يعمر و يصلح الكنائس و يخرب بيوت أهل السنة .
5-إحلال عـلـمائـي وتبشير بلا مقاومة : إذ تم استقدام الدعاة الشيعة من الأماكن الأخري لنشر التشيع فى غياب المخالف أو إمكانية الرد عليهم .
6-التعاون مع الغرب ضد السنة فلقد تعاونت وتحالفت الدولة الصفوية مع القوى الغربية ضد الدولة العثمانية ممثلة أهل السنة آنذاك فى عدة مناسابات .
7-دعم وتحريض وتمويل حركات عصيان داخل الخلافة العثمانية فلقد استمرت بعض الطوائف العلوية فى الأناضول تـثير المتاعب للدولة العثمانية من وقت لآخر بدعم من الصفويين ومن أشهر الأمثلة ويكجه بك فى طرسوس ودوموز أوجلان فى أدنه وحركه شاه قلندر .
-- وهذا نقل نفيس للإمام الشوكاني فى ( البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ) خلال ذكر شاه إسماعيل صفوي أنه " فْتتح ممالك الْعَجم جَمِيعهَا وَكَانَ يقتل من ظفر بِهِ ومانهبه من الأموال قسمه بَين أصحابه وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا وَمن جملَة مَا ملك تبريز وأذربيجان وبغداد وعراق الْعَجم وعراق الْعَرَب وخراسان وَكَاد أَن يدعي الربوبية وَكَانَ يسْجد لَهُ عسكره ويأتمرون بأَمْره قَالَ قطب الدَّين الحنفي في الْأَعْلَام أنه قتل زِيَادَة على ألف ألف نفس قَالَ بِحَيْثُ لَا يعْهَد في الْجَاهِلِيَّة وَلَا في الإسلام وَلَا فِي الْأُمَم السَّابِقَة من قبل من قتل النُّفُوس مَا قَتله شاه إسماعيل وَقتل عدَّة من أعاظم الْعلمَاء بِحَيْثُ لم يبْق من أهل الْعلم أحد في بِلَاد الْعَجم وأحرق جَمِيع كتبهمْ ومصاحفهم وَكَانَ شَدِيد الرَّفْض بِخِلَاف آبَائِهِ "
--وهذا ما تفعله إيران حاليا

ماذا_لو_كان_حازم_معهم ؟؟

ماذا_لو_كان_حازم_معهم ؟؟


بعد متابعة لقاء المشايخ الثلاثة وسماع روايتهم عَمَّا حَدَث كان من المهم جداً أن يَسرَح خاطري بالتفكير في هذا السؤال:ماذا لو كان حازم معهم؟؟؟
الكثير من إخواني جزاهم الله خيراً قد أجابوا إجابة كنت أتوقعها منهم وقالوا:(ما كان لحازم أن ينخدع بأي من الطرفين[إخوان وعسكر]..بل وكان سيحذر هؤلاء المشايخ من خداع كل هذه الأطراف..وغالباً كان سيُتَّهَم بسوء الفهم والتهور وعدم تقدير الأمور)...وهذا كلام سليم جداً ومتين..
ولكن إخواني لم ينتبهوا لملحوظة وضعتها في المنشور السابق عند إثارة نفس السؤال فقلت:( ‫#‏ملحوظة‬:بالإجابة عن هذا السؤال ستضع قدمك على أول درجة مفقودة لتخطيط ما يزيد عن 200 عام لجعل الدين الذي تدين الآن به لله هو ‫#‏الإسلام_العلماني‬)..
‫#‏هل_انتبهت_لهذه_الملحوظة‬ ؟؟؟؟؟؟؟؟
في الوقت الذي نتباهى به أننا من أتباع نبي كان لا يُلدَغ من جُحر مرتين.. نرى مَن نُسميهم‫#‏ورثة_النبي‬ يُلدَغون من الجُحر الواحد مئات المرات...!!!!!!
تُرى..... ما السبب
‫#‏السبب‬ هو مخطط تربية هذا الجيل الذي يجلس الواحد منهم من أصحاب هذا المخطط ويردد هذه الكلمة التي سمعناها من د/جمال المراكبي:(وخرجنا من عنده فرحانين[أي من عند السيسي] حاسين إن الإعتصام مش هيتفض وهنحميه،حاسين إن فيه مائدة تفاوض هتجمع الأطراف كلها،وكل واحد هيقول اللي عنده،فرحانين إن فيه معتقلين هيخرجوا)...طبعاً لا تعليق،وأعتقد لو سمع الشيخ حازم مثلاً كلامه أو سَمِعَه أي فاهم لتاريخ العسكر لمات من الضحك...
كيف خُدِع هؤلاء المشايخ لهذه الدرجة بكلام العسكر؟؟؟
لماذا استطاع أبو إسماعيل أن يعرف كل ما يحدث مسبقاً؟؟؟
والجواب ياإخواني هو السر الذي لا بد لك أن تنتبه له جيداً....
منذ الوهلة الأولى لإنتشار الدعوة في بلادنا وافق الدعاة الذين قاموا بهذه الدعوة(جزاهم الله عنا خيراً) بالرضوخ لأمر غاااااااية في الخطورة... وهو((عدم الإحتكاك مع الأجهزة الأمنية)).. ولتحقيق هذه الغاية رأينا إنشاء جماعات دينية تُطلِق على نفسها((الجماعات الدعوية))... وأبسط مثال هو((جماعة أنصار السنة))
ينطق مشايخها دوماً بل ويفتخرون بقولهم:((نحن جماعة دعوية)) ومعنى ذلك أنه لا علاقة لهم بالسياسة
ظلت هذه الجماعة وغيرها تعمل وتنشر السنة بين الناس وأجهزة الأمن تتركها... وكان مشايخها يشعرون بفرح شديد لإنتشار السنة بين الناس ودحض البدعة...
ولكن..... هل كانت هذه هي دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
الجواب عندما تسمعه منهم يبررونه بقولهم((كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة))
كلام سليم.... ولكن انظر إلى نتيجة هذا الكلام...؟؟؟ أكبر شيخين في هذه الجماعة تتم خديعتهما بهذه الصورة..(المراكبي وشاكر)
أتدرون لماذا؟؟؟؟
إن كلمة التوحيد التي وصَّلُوها للناس كانت ناقصة..
نعم.... ناااااااقصة
فكلمة التوحيد التي أمرنا الله بها ينبغي أن تكون بمراد الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم... فمتى كانت دعوة النبي تفصل بين الدين والسياسة؟؟؟؟؟؟
نتيجة هذا الفكر هو إخراج جيل ‫#‏علماني‬ تربى على مناهج ‫#‏علمانية‬ ضحكوا عليهم وأقنعوهم أنها الشريعة
خديعة أكبر رجلين في جماعة بحجم جماعة أنصار السنة في مصر بكلام معسول لم يقع في هذه الخديعة أمثال الشيخ/حازم أبو إسماعيل(حفظه الله) والذي كان يردد كلمة رُبَّما لم تنتبه لها((لاااا والله لن نُخدَع))
أتدرون لماذا؟؟؟؟
إن حازم استطاع أن يستكمل هذه الحلقة التي افتقدها هؤلاء المشايخ خلال دعوتهم... ((الإسلام دين ودولة))
وبعد ما يقرب من 80 عاماً من دعوة هذه الجماعة نرى مساجدها تؤخذ منها وتُضم إلى الأوقاف... ويأبى الله إلا أن يكون دينه كاملاً لكي يُمَگّن لك...
إن ضاعت هذه الحلقة وفُقدت من هؤلاء المشايخ فليس لنا إلا أن نشكرهم على جهودهم في استكمال باقي الحلقات..فجحود الفضل ليس من شِيَم الكِرام..ونحسب أن الله سيجزيهم خيراً بما قدموه لدينهم... فاعتقادي أن كل هذا لم يكن بعلمهم.. بل لجهلهم بالتاريخ والسِيَر وخاصة التاريخ الحديث مما أوقعهم فريسة لهذا المخطط الرهيب..وهذا المخطط وَضَّحت قبل ذلك كيف دبروه للشيخ/برهامي فوقع هو الآخر ضحية له..
👈واليوم.. يأتي دورنا لبناء جيل التمكين
علينا أن نُكمِل هذه الحلقة المفقودة ونبدأ من حيث انتهى هؤلاء
فلا كرامة إلا بفهم سيرة النبي واقتفاء أثر دعوته بشمولها..
أحمد الاهواني

لا تتوقفوا عن رجم الصنم

((( لا تتوقفوا عن رجم الصنم حتى يتهدم )))
سيف القلموني

----
يتصور بعض الناس أنه لا حاجة للهجوم على برهامي وحسان، أو علي جمعة والطيب، أو باسم يوسف ووائل غنيم وتامر أبو عرب ونوارة نجم.. وباقي سلسلة ال [ .... ] المعروفين!.. يقولون: الناس قد عرفت حقيقتهم، الناس لا تنخدع بهم، الضرب في الميت لا فائدة منه ... إلخ!
إخواننا الطيبون هؤلاء لا يعرفون التاريخ.. بل ولا يراقبون الواقع جيدا!
إن واقعنا الآن طرأ عليه آلة شيطانية ساحرة اسمها "الإعلام".. الإعلام قادر على غسل كل الخطايا، وقادر على تلويث كل الشرفاء.. وقادر على قلب مواقف الناس من النقيض إلى النقيض!
عبد الناصر مات والناس يهتفون له وينتحبون عليه، رغم أن أي قياس عقلاني عن أحوال البلد التي استلمها عند لحظة وفاته كانت تستدعي أن تقام جثته فترجم حتى تتهرأ ثم تلقى للكلاب ثم توضع في متحف يُكتب عليه: هذا جزاء الخونة والسفاحين!
حتى لحظة كتابة هذه السطور يدور جدل حول محمد علي وابنه إبراهيم وسعد زغلول وعبد الناصر.. بل حتى حول حسني مبارك!.. لماذا؟!
لأن دولتهم ما تزال حية، شبكات المصالح والنفوذ والهمينة الغربية التي صنعت هؤلاء ودعمتهم لا تزال قائمة تريد لهؤلاء أن يظلوا رموزا لكي يمكن ببساطة إنتاج غيرهم على ذات نمطهم ومثالهم!
الخلاف مع أمثال برهامي وحسان ووائل غنيم وباسم يوسف ليس خلافا على سياسة ولا على علم ولا على رأي ولا على شيء مما يختلف عليه البشر الأسوياء.. القضية بكل البساطة والوضوح أن هؤلاء ال [ .... ] ابتلعوا ببساطة جريمة عظمى في حق هذه الأمة، وليس الأمر مجرد المذبحة.. أبدا.. المذبحة مجرد فصل في عملية إعادة هذه الأمة وهذا الشعب إلى حظيرة الكفر والاستبداد العلماني العسكري!
هؤلاء ال [ .... ] تقبلوا ببساطة أن تحرق الأمة -أجسادا وإرادة- لأنه خالف رأيهم هم، فحيث أن هؤلاء البشر جاءوا بالإخوان الذين لا نحبهم، ويتوقع أن يأتوا بهم مرة أخرى في أي سياق انتخابي محتمل.. فهؤلاء البشر أولى بالحرق على يد العسكر!
السؤال المطروح: لعلهم كانوا مغفلين وليسوا خونة؟
والإجابة الواضحة: من لم يكن يرى عند 30 يونيو دولة مبارك فهو أعمى لا يرى، ولا يحق له الكلام في السياسة أبدا لأنه أغبى وأتفه من أن يدرك أمور السياسة البديهية الواضحة التي لا يتجادل فيها عاقلان.
لكن الغبي التافه هذا إن كان ذا شرف ومروءة فلقد كان سينتبه عند لحظة الانقلاب العسكري، أو عند لحظة مذبحة الحرس الجمهوري، عند لحظة مذبحة المنصة.. عند المذبحة الكبرى في رابعة، عند رمسيس.. أما الذي مرت عليه هذه المذابح فسكت وابتلع لسانه، أو خرج يرقص منتشيا بها، فلا يمكن أن يكون إنسانا سويا نعامله كما نعامل البشر الذين نختلف معهم فيما يختلف فيه البشر.
الشيخ الذي يكيف ما جرى في مصر على أنه "جريمة قتل" تحتاج بحثا عن الدية أو القصاص أحسن أحواله أنه جاهل غبي لا يحسن فهم الواقع، ولا يجوز له أن يفتي في غير الشعائر والعبادات، ولا يجوز له أن يقرب باب المعاملات فضلا عن قضايا الحدود والدماء والإمامة، فضلا عن النوازل!
المهم المقصود من كل ما فات: أن الأصنام ما دامت قائمة تمارس عملها فهي تريد العودة إلى الساحة، سواء بإرادتها أو بإرادة من خلفها.. بأموال تنفق في مصر أو السعودية أو لندن أو واشنطن.
ولأنهم فارغون من كل معاني الشرف، فليست لديهم أدنى أدنى مشكلة ولا عندهم ذرة من ذرة من تردد أن يعود مرة أخرى مرتديا ثوب الثائر والفاهم والناصح والشيخ.. وهو لا يجد في نفسه أدنى تناقض حين يبيح لنفسه شتم وسب من هم في القبور أو السجون أو المنافي لأنهم كانوا السبب!
سيستخدم الإعلام في إعادة إنتاج كل هؤلاء.. والناس عمومهم كما وصف شوقي: ببغاء عقله في أذنيه
المصيبة هي في أولئك الذين كانوا وقود الثورة ووقود مكافحة الانقلاب.. أصارحكم أني لا أضمن أبدا أنهم يتعلمون ويتذكرون.. هؤلاء من أخشى عليهم حقا أن ينسوا.. أن يغيب عنهم ما فعله أمثال يسري فوده وبلال فضل وعلاء عبد الفتاح ودومة وأحمد ماهر وزياد العليمي.. وباقي هذه السلسلة!
بعض الأصنام ماتت فعلا، وأولئك من قد نتفق على أنه لا يفيد الضرب فيهم، كالببلاوي وحسام عيسى وأبو عيطة.. لكن الذين يصرون كل فترة على أنهم أحياء ولهم موقعهم في ساحة الثورة والنفوذ بداية من البرادعي وحتى أقل كائن في فصيلة ‫#‏الثائر_البغل‬، هؤلاء هم العدو حقا!

الأربعاء، 17 أغسطس 2016

حول العدوان الروسي


حول العدوان الروسي
بيان علماء ودعاة سعوديين حول العدوان الروسي على سوريا
الحمد لله قاهر الجبابرة، وقاصم الأكاسرة والقياصرة، والصلاة والسلام على من أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد.
فبعد ما يقرب من خمس سنوات من دعمها السياسي والعسكري غير المحدود للنظام النصيري، هاهي روسيا ترمي بثقلها وتتدخل بقواتها العسكرية مباشرة لحماية نظام بشار الأسد من السقوط.
وأمام هذه النازلة الدهياء وجريمة الحرب التي ترتكبها دولة ذات نفوذ تدعي مسؤوليتها تجاه السلم والعدل في العالم ، فإننا نجهر ونعلن بما يلي:
أولًا: أيها الروس يا غلاة أهل الصليب:
ما أشبه الليلة بالبارحة! فقبل ست وثلاثين سنة غزا الاتحاد السوفييتي الشيوعي أفغانستان المسلمة لينصر الحزب الشيوعي ويحميه من السقوط، وها هي وريثته روسيا الصليبية الأرثوذكسية تغزو سوريا المسلمة لنصرة النظام النصيري وحمايته من السقوط، فلتعتبر بمصير سلفها.
لقد أعلنها رؤساء كنيستكم الأرثوذكسية حرباً مقدسة "صليبية"، كما أعلنها "بوش" الابن من قبل، ألا فاعلموا أن المسلمين يفدون دينهم بالمهج والأرواح وبالغالي والنفيس، وكما أخرجوكم من أفغانستان فهم بإذن الله سيلحقون بكم هزيمة مخزية في أرض الشام.
ثانياً- يا أهلنا في الشام:
لقد اشتد عليكم البلاء وطالت المحنة، ولعل الله أراد بكم خيراً، فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والعاقبة للمتقين، ولعل الله يريد أن يصنعكم على عينه لمرحلة مقبلة ولمهمة جليلة ففي الحديث: " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم"، فعليكم بتقوى الله والتوبة والإنابة وحسن التوكل على الله.
وكما اشتد عليكم البلاء فقد تكالبت عليكم أمم الكفر وعز الناصر وقل المعين وتخاذل الأقربون –إلا من رحم الله- وما أشبه حالكم بحال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم اجتمعت عليهم الأحزاب، وقيل لهم: [إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ]، فكونوا كما كانوا [فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ] لتنالوا من الله ما نالوا: [فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله وَالله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ].
فاعلموا –رحمكم الله- أن روسيا ما تدخلت إلا لإنقاذ النظام من هزيمة محققة؛ لقد هزم الله بكم أمن النظام وشبيحته ثم جيشه ثم الجماعات الرافضية الصفوية الإيرانية والعراقية والأفغانية وغيرها، ودحر بكم حزب الشيطان، وهو سبحانه قادر على هزيمة روسيا، فـ[اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ].
إن روسيا لم تأتِ بجديد؛ فإن خوفوكم بطائراتها وصواريخها ودباباتها فقد قصفكم النظام الكافر بالصواريخ والدبابات والطائرات، فما استطاع هزيمتكم، وهكذا ستبوء حليفته بالخسران بإذن الله، وتذكروا قول ربكم: [أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِه].
إننا ندعوكم للثبات وندعو الكوادر وذوي القدرات والخبرات في كافة المجالات إلى البقاء وعدم مغادرة الشام، بل المساهمة في البناء والتحرير، وندعو القادرين منكم إلى الالتحاق بركب الجهاد، فهذا يومكم.
الله الله في إسلامكم ودياركم وأعراضكم، فما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، أقبلوا على جهاد عدو الله وعدوكم فالله معكم ، والمسلمون خلفكم بكل ما يستطيعون بإذن الله. وإن فجر النصر قريب.
ثالثاً- يا قادة المجاهدين:
لقد اجتمع أهل الباطل على باطلهم؛ وتحزبت عليكم أمم الكفر من الشرق والغرب، وتحالف الطغاة، والغلاة، والمرجئة، والمرجفون والمنافقون، بينما أنتم يا أهل الحق متفرقون، مع أنكم تتلون: [وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ]، فإلى متى؟
لقد شرفكم ربكم بالدفاع عن دينه على أرض بارك الله فيها، فاتقوا الله في دين الله واتقوا الله في هذا الشعب المسلم المصابر الذي تحمل من البلاء ما ناءت بحمله الجبال. اتقوا الله ووحدوا صفوفكم واجمعوا كلمتكم واجتمعوا في جسم واحد يمثل الفصائل المقاتلة والجهات المدنية الثورية، فإن يد الله مع الجماعة، وإن الاجتماع على القائد المفضول خير من الافتراق من أجل قائد فاضل، فإن لم تفعلوا فنخشى أن يحل بكم مصداق قول الله: [وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ].
إن كل دم يسيل وكل بقعة أرض تفقد بسبب تفرقكم فإنكم مسؤولون عنها يوم القيامة، ولا عذر اليوم لتخلف أحد عن الاجتماع وتوحيد الكلمة، وإننا نرى أن كل من يقف حجر عثرة في وجه التوحد وجمع الكلمة –تحت أي ذريعة- فإنه غير معذور، بل يفقد الشرعية كائناً من كان، وينبغي التحذير منه وتركه والانحياز لصف الجماعة والسواد.
فنناديكم بنداء الله لنا جميعا [وَاعْتَصِمُوا]، ونناشدكم باسم الولاء الذي بيننا والأخوة التي تجمعنا أن اجتمعوا. وتذكروا أنكم في جهاد دفع يقتضي التغافر والتطاوع والبعد عن رغبات النفوس وحظوظها، ويتعين الاجتماع فيه مع كل من يتفق معكم على رد صيال هذا النظام وأعوانه، فرصوا صفوفكم: [إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ]. وإلا تفعلوا فإن سنن الله لا تجامل أحداً، والله تعالى قال لخير الناس ومعه خير البشر بعد النبيين: [أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ].
رابعاً- ونقول للدول العربية والإسلامية:
إن التحالف الغربي-الروسي مع الصفويين والنصيرية حرب حقيقية على أهل السنة وبلادهم وهويتهم، لا تستثني منهم أحداً، والمجاهدون في الشام اليوم يدافعون عن الأمة جميعها، فثقوا بهم ومدوا لهم يد العون المعنوي والمادي، العسكري والسياسي، فإنهم إن هُزِموا –لا قدر الله ذلك- فالدور على باقي بلاد السنة واحدة إثر أخرى.
وإن زعم أمريكا والغرب صداقة سوريا وشعبها ونزع شرعية بشار لم يعد ينطلي على أحد، فهم من منع الشعب السوري من امتلاك مضادات الطيران ليحمي نفسه، وهم من عطَّل حظر الطيران، وهم من عرقل المنطقة الآمنة في الشمال، ولولا رضاهم ما دخلت روسيا ولا بقي الأسد، وقد أرادوا خداع الشعوب بزعم التحالف لحرب داعش، وإنما هي خدعة، فلم يطل داعشًا منهم إلا القليل، لكنه المكر الكبار، وقد قال تعالى: [وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ]، وقال: [وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الله وَالله خَيْرُ الْمَاكِرِينَ].
إن الدور الأكبر في نصرة الشعب السوري يقع على كاهل الدول السنية المجاورة لسوريا، وعلى الدول التي أعلنت بقوة وصراحة وقوفها إلى جانب الشعب السوري وأنه لا مكان للقاتل في أي حل مقبل، وعلى رأس هذه الدول بلادنا المملكة العربية السعودية، وتركيا وقطر، فندعوهم لاتخاذ مواقف عملية قوية نصرة لإخوانهم السوريين؛ مواقف تتحقق بها حماية الشام أرضا وشعبا من نفوذ الفرس والروس. وهي مواقف محمودة شرعا وعقلا ، وتمليها ضرورات الدين والدنيا. وسيكتب التاريخ فاعل ذلك في سجل عظماء الإسلام.
ونطالب الدول الإسلامية -والعربية على وجه الخصوص- بسحب سفرائها من روسيا وإيران وقطع جميع العلاقات والتعاملات معهم.
خامساً- أيها العلماء والمصلحون والمفكرون:
إنها والله حرب على الإسلام الذي ارتضاه الله للعباد؛ فأعلنوا هذه الحقيقة للناس واشحذوا الهمم، واحرصوا في كلماتكم وكتاباتكم وخطبكم ودروسكم على نبذ كل عوامل الفرقة والتحذير منها، ووحدوا الصفوف، وبينوا للناس حقيقة الحلف الصليبي الرافضي ليكونوا منه على حذر.
حرضوا الناس بقوة على الإلحاح في الدعاء أن يعجل بالنصر والفرج، وادعوهم للبذل والعطاء والدعم المادي والمعنوي بكل ما يستطيعون، فإن أهل الشام يقاتلون عدونا ويذودون عنا وهم أحوج ما يكون للدعاء والدعم.
اللهم إنا نسألك بأسمائك العليا وصفاتك الحسنى أن تعجل بالنصر لأهل الشام، وأن تعلي كلمتك وتظهر دينك، وأن تهزم الأحزاب الذين تمالؤوا علينا، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الأَحْزَابَ وَزَلْزِلْهُمْ
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد
الموقعون:
1. الشيخ / د.عبدالله بن محمد الغنيمان
2. الشيخ / د.محمد بن ناصر السحيباني
3. الشيخ / أ.د ناصر بن سليمان العمر
4. الشيخ / أ.د علي بن سعيد الغامدي
5. الشيخ / أ.د سعود بن عبدالله الفنيسان
6. الشيخ / د.أحمد بن عبدالله الزهراني
7. الشيخ / صالح بن عبدالله الدرويش
8. الشيخ / د.خالد بن عبدالرحمن العجيمي
9. الشيخ / أ.د عبدالله بن عمر الدميجي
10. الشيخ / د. عبدالعزيز بن عبدالمحسن التركي
11. الشيخ / د. محمد بن أحمد الفراج
12. الشيخ / أحمد بن عبدالله آل شيبان
13. الشيخ / د. محمد موسى الشريف
14. الشيخ / د. حسن بن صالح الحميد
15. الشيخ / أ.د عبدالرحمن بن جميل قصاص
16. الشيخ / د. ناصر بن يحيى الحنيني
17. الشيخ / د.خالد بن عبدالله الشمراني
18. الشيخ / د.محمد بن عبدالله الدويش
19. الشيخ / د. محمد بن عبدالله الخضيري
20. الشيخ / عثمان بن عبدالرحمن العثيم
21. الشيخ / أحمد بن عبدالعزيز الشاوي
22. الشيخ / د.خالد بن محمد الماجد
23. الشيخ / إبراهيم بن عبدالرحمن التركي
24. الشيخ / د.محمد بن عبدالعزيز الماجد
25. الشيخ/ د. عادل بن أحمد باناعمة
26. الشيخ/ العباس بن أحمد الحازمي
27. الشيخ / د. باسم بن عبدالله عالم
28. الشيخ / د.مسفر بن عبدالله البواردي
29. الشيخ / عبدالله بن طويرش الطويرش
30. الشيخ/ د.عبدالله بن ناصر الصبيح
31. الشيخ/ د.عبدالله بن عبدالرحمن الوطبان
32. الشيخ / د. محمد بن سعيد القحطاني
33. الشيخ / د. محمد بن عبدالعزيز اللاحم
34. الشيخ / د. عبدالحميد بن عبدالله الوابل
35. الشيخ / د. سليمان بن عبدالله السيف
36. الشيخ / عبدالله بن محمد القعود
37. الشيخ / حمود بن ظافر الشهري
38. الشيخ / د. موفق عبدالله كدسة
39. الشيخ / محمد بن علي مسملي
40. الشيخ / محمود بن إبراهيم الزهراني
41. الشيخ/ د.إبراهيم بن محمد أبكر عباس
42. الشيخ / د.محمد بن سعيد بافيل
43. الشيخ / حمدان بن عبدالرحمن الشرقي
44. الشيخ / أحمد بن محمد باطهف
45. الشيخ / جماز بن عبدالرحمن الجماز
46. الشيخ / مشعل مسعود القحطاني
47. الشيخ / أحمد بن علي الرشود
48. الشيخ / سعد بن علي العمري
49. الشيخ / محمد بن عوض السرحاني
50. الشيخ / طارق بن أحمد الفارس
51. الشيخ / علي بن إبراهيم المحيش
52. الشيخ / علي بن أحمد آل إسحاق
53. الشيخ / د. عبدالعزيز بن عبدالله المبدل
54. الشيخ / إبراهيم بن محمد عكيري
55. الشيخ / محمد بن حامد آل عثمان الغامدي.

الجمعة، 5 أغسطس 2016

السلطان محمد جلبي الأول ..

السلطان محمد جلبي الأول .. المؤسس الثاني للدولة العثمانية

د/ راغب السرجاني 
تفكك الدولة العثمانية بعد هزيمة أنقرة:
في عام 799هـ / 1397م تمكنت قوات السلطان العثماني بايزيد الأول من حصار القسطنطينية للمرة الثالثة وللمرة الرابعة سنة 801هـ / 1399م، ولكن هجوم الخبيث زعيم المغول تيمور لنك على أنقرة أجبر السلطان بايزيد الأول على رفع الحصار عن القسطنطينية والتوجه شرقًا لمقاومة جيوش تيمورلنك، وبعد سلسلة من المراسلات مع بايزيد لم تنته إلى نتيجة توغل تيمور بجيوشه الجرارة والتي تقدر بثمانمائة ألف مقاتل داخل الأناضول، وكان اللقاء الحاسم قرب أنقرة في ذي الحجة 804هـ / يوليو 1402م، وانتهت المعركة بهزيمة العثمانيين وأُسر السلطان العثماني الذي توفي بعد مدة وجيزة من الغم أسيرًا في مدينة اكشهر التركية التي تقع قرب مدينة قونية، وذلك في الخامس عشر من شعبان سنة 805هـ / 1403م، وأُرسل جثمانه إلى مدينة بورصة. وأعقب نصر أنقرة عمليات اكتساح واسعة لما تبقى من أملاك الدولة العثمانية الآسيوية. وتفكك العثمانيون مرة أخرى لدويلات صغيرة في الأناضول. كما أعاد تيمورلنك أمراء آسيا الصغرى الى أملاكهم السابقة، ومن ثم استرجاع الإمارات التي ضمها بايزيد لاستقلالها، كما بذر تيمور بذور الشقاق بين أبناء بايزيد المتنازعين على العرش. وانتهزت الولايات الأوربية التي تحت الحكم العثماني ما حل بالدولة فأعلنت استقلالها, وهي البلغار والصرب والأفلاق، فانكمشت الدولة العثمانية.
الحرب الأهلية بين أبناء بايزيد:
وقد تعرضت الدولة العثمانية لخطر داخلي تمثل في نشوب حرب أهلية في الدولة بين أبناء بايزيد على العرش، واستمرت هذه الحرب عشر سنوات (806 - 816هـ / 1403 - 1413م). فقد كان لبايزيد خمسة أبناء اشتركوا معه في القتال، أما ابنه مصطفى فقد ظُنَّ أنه قُتل في المعركة، أما موسى فقد أسر مع والده، ونجح الثلاثة الآخرون في الفرار، وهم (محمد وسليمان وعيسى).
أما أكبرهم سليمان فاستقل بالجزء الأوربي من الدولة العثمانية بما فيها مدينة أدرنة وأعلن نفسه سلطاناً هناك، وعقد حلفًا مع مانويل الثانى إمبراطور بيزنطة ليساعده ضد إخوته, وأعطاه في سبيل ذلك مدينة سالونيك وبعض سواحل البحر الأسود وتزوج من إحدى قريباته.
أما عيسى فبمجرد وفاة أبيه أعلن نفسه سلطانًا في مدينة بورصة (بروسة) وأعلن للناس أنه خليفة أبيه.
وأما محمد الذي كان مختبئًا في الأناضول، فحينما خف ضغط التتار خرج ومن معه من الجند يقاتل ما بقي من التتار، وتمكن من السيطرة على توقات وأماسب، واستطاع تخليص أخيه موسى من الأسر وسار لمحاربة إخوته.
ونشبت الحرب بين هؤلاء الأخوة الثلاثة يتنازعون بينهم أشلاء الدولة الممزقة والأعداء يتربصون بهم من كل جانب. وبعد عام ارتحل تيمورلنك بجيشه وترك وراءه البلاد على أسوأ حال من الدمار والخراب والفوضى.
انتصار محمد على إخوته وانفراده بالسلطة:
استطاع محمد أن ينتصر على أخيه عيسى بعد عدة معارك بينهما وقتل عيسى، ثم أرسل جيشًا بقيادة أخيه موسى لمحاربة أخيهما سليمان، ولكنه عاد يجر ذيل الخيبة وراءه، ولكنه لم ييئس فحاول موسى مرة أخرى الهجوم, واستطاع في هذه المرة أن ينتصر وقتل سليمان على أبواب أدرنة عام 813هـ / 1410م.
ثم اتجه موسى لتأديب الصرب على موقفهم أثناء الهجوم التتري، وحارب ملك المجر الذي حاول مساعدة الصرب وانتصر موسى عليه. وأراد موسى أن ينفصل بالجزء الأوربي، وضرب الحصار على القسطنطينية، فاستنجد إمبراطورها بالأمير محمد الذي أسرع فعقد حلفًا مع إمبراطور القسطنطينية، وملك الصرب ضد أخيه، وانتصر الحلف، وقُتل الأمير موسى، وانفرد الأمير محمد بالسلطة.
لقد كانت هذه المرحلة في تاريخ الدولة العثمانية مرحلة اختبار وابتلاء سبقت التمكين الفعلي المتمثل في فتح القسطنطينية، ولقد جرت سنة الله تعالى ألا يمكن لأمة إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة، وإلا بعد أن ينصهر معدنها في بوتقة الأحداث، فيميز الله الخبيث من الطيب، وهي سنة جارية على الأمة الاسلامية لا تتخلف. فقد شاء الله تعالى أن يبتلي المؤمنين، ويختبرهم، ليمحص إيمانهم، ثم يكون لهم التمكين في الأرض بعد ذلك.
صمد العثمانيون لمحنة أنقرة بالرغم مما عانوه من خلافات داخلية، إلى أن أنفرد محمد الأول بالحكم في عام 816هـ / 1413م، وأمكنه لم شتات الأراضي التي سبق للدولة أن فقدتها. إن إفاقة الدولة من كارثة أنقرة يرجع إلى منهجها الرباني الذي سارت عليه، حيث جعل من العثمانيين أمة متفوقة في جانبها العقدي والديني والسلوكي والأخلاقي والجهادي، وبفضل الله حافظ العثمانيون على حماستهم الدينية وأخلاقهم الكريمة، ثم بسبب المهارة النادرة التي نظم بها أورخان وأخوه علاء الدين دولتهما الجديدة، وإدارة القضاء المثيرة للإعجاب، والتعليم المتواصل لأبناء وشباب العثمانيين، وغير ذلك من الأسباب التي جعلت في العثمانيين قوة حيوية كاملة، فما لبثت هذه الدولة بعد كارثة أنقرة أن انبعثت من جديد من بين الأنقاض والأطلال، وانتعشت وسرى في عروقها ماء الحياة، وروح الشريعة، واستأنفت سيرها إلى الإمام في عزم وإصرار حير الأعداء والأصدقاء.
السلطان محمد جلبي خامس السلاطين العثمانيين:
يقول محمد فريد بك: "وبذلك انفرد محمد المولود سنة 781هـ / 1379م بما بقي من بلاد آل عثمان، واشتهر في التاريخ باسم السلطان محمد جلبي الغازي. ويعتبر بعض المؤرخين السلطان محمد الاول خامس سلاطين آل عثمان ولم يعتبروا إخوته؛ لكونهم لم يلبثوا في الملك مدة طويلة وذلك لعدم الخلط في تعداد ملوك هذه الدولة، ولم يراع البعض الآخر هذا الترتيب بل اعتبرهم ملوكا، ولذلك وجد اختلاف بين كتب المؤرخين في عدد سلاطين الدولة العثمانية، لكن المتفق عليه هو عدم اعتبار من نازع السلطان محمد جلبي في الملك من إخوته وعده هو خامس سلاطين الدولة العلية".
كان السلطان محمد جلبي متوسط القامة، مستدير الوجه، متلاصق الحاجبين، أبيض البشرة، أحمر الخدين، واسع الصدر، صاحب بدن قوي، في غاية النشاط وجسورًا ، يمارس المصارعة، ويسحب أقوى أوتار الأقواس، لذلك أطلق عليه لقب "كرشجي" أي المصارع، كما اشترك أثناء حكمه في 24 حربًا وأصيب بأربعين جرحًا. استطاع السلطان محمد جلبي أن يقضي على الحرب الأهلية بسبب ما أوتي من الحزم والكياسة وبعد النظر وتغلب على إخوته واحدًا واحدًا حتى خلص له الأمر وتفرد بالسلطان، وقضي سني حكمه الثماني في إعادة بناء الدولة وتوطيد أركانها، لذا يعتبره بعض المؤرخين المؤسس الثاني للدولة العثمانية.
سياسة السلطان محمد الأول الداخلية:
يبدو أن السلطان محمد عاش معذب الضمير من جراء قتله لإخوته الثلاثة عيسى وموسى وسليمان, وقد انعكس ذلك في معاملة الآخرين, فمما يؤثر عن هذا السلطان أنه استعمل الحزم مع الحلم في معاملة من قهرهم ممن شق عصا طاعة الدولة، فإنه لما قهر أمير بلاد القرمان وكان قد استقل عفا عنه بعد أن أقسم له على القرآن الشريف بأن لا يخون الدولة فيما بعد، وعفا عنه ثانية بعد أن حنث في يمينه. وأيضًا في انتصاره على أمير أزمير قرة جنيد، ثم عفا عنه وعينه حاكمًا لمدينة نيكوبلي.
سياسة السلطان محمد جلبي الخارجية:
اتبع السلطان محمد جلبي سياسة المهادنة والمسالمة مع القوى المجاورة، حيث كانت سياسته تهدف الى إعادة بناء الدولة وتقويتها من الداخل، فخاطب مبعوثي جمهوريات البندقية وجنوة وراجوزة وممثلي الصرب والأفلاق ورسول دوقة ألبانيا الذين جاءوا يباركون انتصاره على أخيه موسى قائلا: "قولوا لحكامكم وأمرائكم إني أريد السلام معهم، والذي لا يريد السلام فخصمه الله راعي السلام الأكبر".
ولذلك سالم مانويل الأول إمبراطور القسطنطينية وحالفه، والتزم باتفاقية اسكدار التي وقعها معه عام 814هـ / 1411م، فأعاد إليه بعض المدن على شاطئ البحر الأسود التي كان الأمير موسى قد سيطر عليها. كما أعاد إليه ضواحي سيلانيك. كما صالح البندقية بعد هزيمة أسطوله أمام كليتبولي وعقد اتفاق تعهدا كل منهما بعدم المساس بسفن الآخر. كما قمع الفتن والثورات في آسيا وأوروبا وأخضع بعض الإمارات الآسيوية التي أحياها تيمورلنك ودانت له بالطاعة والولاء.
وقد خاف الأوربيون من عودة قوة السلطنة العثمانية، وأصبح سيغموند إمبراطورا في ألمانيا، وساندته المجر والهرسك فوجَّه جيشه ضد العثمانيين، فتصدى له المُجاهد إسحق بيك، ووقعت معركة "ديبوي" في شمال البوسنة، فهُزم الأوربيون، وانتصر العثمانيون، فأعلن دوق الهرسك خضوعه للسلطان العثماني، وبدأ إعمار مدينة سراي البوسنة أي: سراييفو لتكون مدينة إسلامية، وقاعدة للفتوحات، فتم تحوليها من قرية منسية إلى حاضرة إسلامية تحمل سمات المدينة الإسلامية بشكل كامل، واجتاز السلطان نهر الدانوب شمالًا، فاستولى على رومانيا، واجتاحت قواته ميناء تريستا، ووصلت إلى ترانسلفانيا بقيادة المجاهد إسحاق بيك الذي استشهد هنالك.
واستمرارا لسياسته السلمية أكد في مراسلاته مع شاه رخ خليفة تيمور لنك على كونه غازيا ضد الكفار؛ لإبعاد شبه المواجهة معه.
حركة بدر الدين:
قام أحد القضاة ويدعى بدر الدين بحركة يدعو فيها إلى مبادئ مشابهة للاشتراكية وتبنيها الفلسفة الوجودية, وتبعه في ذلك الكثير وخاصة من أصحاب الديانات الأخرى، وأحس السلطان باستفحال أمره فقاتله وانتصر عليه وقتله، بعد أن اصدرت المحكمة حكما بتكفيره.
حركة دوزمة مصطفى:
ظهر فجأة الأمير مصطفى بن السلطان بايزيد، وطالبه بأنه أحق بالعرش من أخيه محمد، وأطلقت المصادر العثمانية عليه (دوزمة مصطفى) أي المزيف أو المنتحل، على اعتبار أن مصطفى قُتل في معركة أنقرة، بينما البحوث الحديثة أكدت أنه الابن الحقيقي للسلطان بايزيد الأول، وأطلق سراحه بعد وفاة تيمور لنك عام 807هـ / 1405م، فعاد إلى الأناضول، واختفى خلال مدة صراع الإخوة على العرش. ثم ظهر وأعلن أحقيته بالعرش من أخيه محمد وقاتله، وانضم إليه قرة جنيد، ودخل إلى بلاد اليونان، ولكنه هُزم ففر إلى مانويل الثاني إمبراطور بيزنطة الذي رفض تسليمه إلى السلطان محمد فلقد كان يعدهما ورقة ضغط ضد السلطان محمد. لذلك لم يسلمهما، ولكنه وعده بوضع أخيه مصطفى تحت الإقامة الجبرية، وخصص السلطان لأخيه راتبًا شهريًّا، وبرغم خيانة قرة جنيد إلا أن السلطان عفا عنه مرة أخرى.
مناقب السلطان محمد جلبي:
بعد أن انتهى السلطام محمد من القضاء على الفتن الداخلية، تفرغ لبناء دولته، فقد كان السلطان محمد جلبي محبًا للشعر والأدب والفنون، ورغم الحروب فقد شيد السلطان محمد جلبي العديد من الآثار المعمارية الإسلامية في شتى أنحاء السلطنة العثمانية، فأكمل بناء الأبنية التي توقف بنائها خلال مدة حرب الإخوة ووضع أسسا أخرى، فأكمل بناء الجامع الذي وضع أسسه أخيه سليمان واستمر موسى لبنائه، على ساحل نهر مريج على طريق مدينة فيليبة Phillipa، وعرف بجامع "أولو جامع"، كما أكمل الجامع الذي أسسه جده مراد الأول في بورصة على مساجة مائة قدم مربع،
وطبقا لبعض المصادر العثمانية فإن السلطان محمد جلبي الأول هو أول سلطان عثماني أرسل الهدية السنوية إلى أمير مكة التي يطلق عليها اسم الصرة (كيس مال)، وهي عبارة على قدر معين من النقود يرسل إلى أمير مكة لتوزيعه على أهالي مكة والمدينة، وكانت بنحو عشرة آلاف قطعة ذهب سنويًّا، مخصصا لها وقف الجامعين والحمامين الذين بناهما في قصبة مرزيفون التابعة لأماسية. فأصبح عمله قانونا يراعى في الدولة العثمانية ويعمل به السلاطين.
وقد أحب الشعب العثماني السلطان محمد الأول وأطلقوا عليه لقب بهلوان (ومعناها البطل) وذلك بسبب نشاطه الجم وشجاعته، كما أن أعماله العظيمة وعبقريته الفذة التي قاد من خلالها الدولة العثمانية إلى بر الأمان، مع جميل سجاياه وسلوكه وشهامته وحبه للعدل والحق، جعل شعبه يحبه ويطلق عليه لقب "جلبي" أيضًا وهو لقب تشريف وتكريم فيه معنى الشهامة والرجولة.
ولقد كان السلطان محمد الأول محبًا للسلام والعلم والفقهاء، ولذلك نقل عاصمة الدولة من أدرنة (مدينة الغزاة) إلى بورصة (مدينة الفقهاء)، وكان على خلق رفيع، وحزم متين ، وحلم فريد، وسياسة فذة في معاملة الأعداء والأصدقاء.
حقيقة إن بعض حكام آل عثمان قد فاقوه شهرة، إلا أن بالإمكان اعتباره من أنبل حكام العثمانيين، فقد اعترف المؤرخون الشرقيون واليونانيون بإنسانيته، واعتبره المؤرخون العثمانيون بمثابة القبطان الماهر الذي حافظ على قيادة سفينة الدولة العثمانية حين هددتها طوفان الغزوات التترية، والحروب الداخلية، والفتن الباطنية.
وفاة السلطان محمد جلبي:
بعد أن بذل السلطان محمد الأول قصارى جهده في محو آثار الفتن التي مرت بها الدولة العثمانية وشروعه في إجراء ترتيبات داخلية تضمن عدم حدوث شغب في المستقبل، وبينما كان السلطان مشتغلًا بهذه المهمام شعر بدنو أجله، فدعى الباشا بايزيد وقال له: "عينت ابني مراد خليفة لي فأطعه وكن صادقًا معه كما كنت معي. أريد منكم أن تأتونني بمراد الآن لأنني لا أستطيع أن أقوم من الفراش بعد. فإن وقع الأمر الإلهي قبل مجيئه حذاري أن تعلنوا وفاتي حتى يأتي".
وفاجأه الموت في سنة 824هـ / 1421م في مدينة أورنة، وأسلم روحه لخالقه وعمره 43 سنة، ونقل جثمانه إلى مدينة بورصة ودفن هناك في التربة المشهورة حتى الآن باسم (يشيل تربة) أي التربة الخضراء. وخوفًا من حصول ما لا تحمد عقباه لو عُلم موت السلطان محمد الأول اتفق وزيراه إبراهيم وبايزيد على إخفاء موته على الجند حتى يصل ابنه مراد الثاني، فأشاعا أن السلطان مريض، وأرسلا لابنه فحضر بعد واحد وأربعين يومًا واستلم مقاليد الحكم.
وهكذا تمكن السلطان محمد جلبي الأول من إعادة هيبة الدولة العثمانية مرة ثانية، واسترجعت السلطة رونقها بعد تداعت جوانبها، فاستحق بجدار لقب "النوح الذي أنقذ سفينة الدولة التي ألقيت في طوفان خطر التتر"، والمؤسس الثاني للدولة العثمانية.

جميع الحقوق محفوظة @ 2013 مركز العز بن عبدالسلام للأبحاث و الدراسات.